بواسطة "خلية عملاقة".. باحثون يكتشفون جوف الأرض!

هل قلب الأرض المكون من الحديد صلب لا يتحرك بسبب الضغط الهائل وارتفاع درجات الحرارة؟ باحثون من الولايات المتحدة والصين درسوا سلوك ذرات الحديد داخل جوف الأرض بواسطة الذكاء الاصطناعي.


ليس هناك مكان آخر في الأرض حيث تكون درجات الحرارة عالية بشكل مثير للدهشة والضغط كبير إلى درجة الانصهار، مثلما هو الحال في  نواة الأرض ، حيث يصهر الضغط ذرات الحديد داخل الأرض لتكوين نواة داخلية صلبة. ومع ذلك، حتى في هذه الظروف القاسية، هناك مجال للحركة، كما تبين لفريق من الباحثين الآن.

ونقل موقع "فرانكفورتر روند شاو" الألماني أن باحثين من الولايات المتحدة والصين كشفوا في دراسة عن قدرة مجموعات معينة من ذرات الحديد في النواة الداخلية للأرض  على التحرك بسرعة. إذ يبدو أنها قادرة على تبادل مواقعها في جزء من الثانية، لكنها تحافظ على تركيبها الأساسي.

ويعرف هذا النوع من الحركة باسم "الحركة التجمعية". يمكن ملاحظتها في الحياة اليومية في أمثلة مثل أسراب الطيور وقطعان الحيوانات وأيضًا في حشود الناس أو حركة المرور.

لا يمكن للباحثين دراسة النواة الداخلية للأرض مباشرة لأنه في جوف الأرض الداخلي تكون الحرارة مرتفعة جداً والضغط مرتفع، ولا يمكن فعليا الوصول إلى نواة الأرض. ولكن باستخدام الاختبارات في المختبر والنماذج النظرية، تمكن الفريق البحثي من العثور على دلائل على أن ذرات النواة الداخلية تتحرك بشكل أكبر بكثير مما كان معتقدًا حتى الآن.

ويمكن أن تساعد هذه النتائج في فهم مجموعة من الخصائص المدهشة لنواة الأرض التي اهتم بها العلماء لفترة طويلة، مثل كيفية تكوين مجال الأرض المغناطيسي على وجه الدقة.

يقول جونغ - فو لين من جامعة تكساس، أحد الكتّاب الرئيسيين للدراسة: "الآن نعرف الآلية الأساسية التي ستساعدنا في فهم العمليات الديناميكية وتطور النواة الداخلية للأرض".

لدراسة الحركة الجماعية لذرات الحديد أنشأ الفريق الأمريكي الصيني نموذجا صغيرا من نواة الأرض في المختبر. في البداية استخدمت لوحة حديد صغيرة وأطلقت جسيمات سريعة الحركة عليها. هذا الإجراء أعطى الباحثين بيانات حول درجة الحرارة والضغط والسرعة، وجرى بعد ذلك إدخالها في نموذج كمبيوتر يحاكي ذرات الحديد في النواة الأرضية  باستخدام الذكاء الاصطناعي .

بواسطة  الذكاء الاصطناعي ، جرى إنشاء "خلية عملاقة" تحتوي على حوالي 30000 ذرة، واستفاد منها الفريق البحثي لتوقع خصائص الذرات بدقة أكبر. ما لاحظه الفريق كان غير متوقع: مجموعات من الذرات كانت تتحرك وتبادل مواقعها، في حين تم الحفاظ على الهيكل السداسي الأساسي للحديد.

هذا الحركة غير المتوقعة للذرات يمكن أن تفسر لماذا تظهر  القياسات الزلزالية  للنواة الأرضية الداخلية أكثر نعومة وقابلة للتشكيل بكثير مما يُتوقع عند هذا الضغط العالي، حسبما يقول الفريق البحثي. وقد اقترح فريق بحث آخر أنه يمكن أن يكون هناك حديد سائل محاصر في النواة الأرضية الداخلية.

الباحث يو جن جانغ من جامعة سيتشوان، المؤلف المشارك في الدراسة الحالية، يقول: "الاكتشاف الكبير الذي أجريناه هو أن الحديد الصلب في عمق باطن الأرض يصبح ناعمًا بشكل مدهش، لأن ذراته يمكن أن تتحرك بشكل أكبر بكثير مما توقعنا. هذه الحركة تجعل النواة الداخلية أقل صلابة وأضعف في مواجهة قوى القص."